من اكبر الأخطاء في التفكير و القناعات اللي منتشرة في مجتمعنا هي ان الامومة و الابوة ادوار بتمارس بالفطرة. يعني اي ست او راجل مجرد ما يتجوزوا و يخلفوا خلاص بقوا أم و أب كما ينبغي. الكلام ده للاسف مش حقيقي .. يمكن مشاعر الامومة و الابوة مشاعر فطرية او على الاقل بتكتسب اول ما بنشوف ابننا او بنتنا و نمسك ايدهم و نحضنهم ، لكن ازاي هانتعامل مع الكائن الصغير اللي حياته متوقفة علينا ده .. فده كلام تاني خالص.
احنا بنتجوز و بنخلف و مش مدركين ان الانسان اللي بنجيبه للدنيا ده حياته كلها بتتشكل بناءً على اللي بيشوفه مننا.
طبعاً اني آمنله مستقبله و اوفرله كل احتياجاته المادية من اكل و شرب و مكان آمن و تعليم و رياضة و رفاهيات دي كلها حاجات مهمة و من مسؤليتنا كآباء و أمهات .. بس الواقع ان دي مش أهم الحاجات اللي هم محتاجينها مننا.
ان ابنك او بنتك يشوفوكي أم سعيدة و عندها سلام نفسي و سوية نفسياً دي أهم حاجة ممكن تقدميها لاولادك، انك تبقي فاهمة نفسك و فاهمة دورك و متصالحة مع كل ظروفك و ماضيكي و باصة على المستقبل و عايزة ولادك يعيشوا احسن مانتي عيشتي .. هو ده اللي هايخليكي أم أولادها دايماً شايفينها قدوة و مثل أعلى و لم تغيب يدعولها و يفتكروها بالخير.
احنا للأسف كتير بنفتكر ان الجواز و الخلفة ممكن يحلوا مشاكلنا أو ممكن يداوا جروح جوانا بنحاول نهرب منها، لكن الحقيقة اننا بس بنوحل ناس تانية معانا في دايرة المعاناة اللي احنا محبوسين فيها، يعني قناعات أهلنا و الناس الكبار زي “جوزوه/جوزوها يمكن ينصلح حالها وربنا يهديه/ا” أو “خلفيله حتة عيل يمكن يعقل وعشان تربطيه جنبك” .. كل دي حاجات اثبتت فشلها الذريع على مدار السنين.
اللي بيحصل ان اللي بيتجوز و يخلف وهو عنده traumas معينة مش بيعمل حاجة غير انه يعذب بيها شريك حياته و يعقد بيها أولاده .. والأمثلة اللي زي كدة كتير وتقريباً موجودة في كل بيت من الشخصيات ال toxic زي مابقينا نسميهم
المشكلة اللي بنعاني منها دلوقتي واللي خلتنا نركز على الصحة النفسية للأهل قبل حتى ما يبقوا آباء و أمهات، هي ان كم الضغوطات اللي بنقابلها في حياتنا من واحنا صغيرين خلت تأثير دور الأب و الأم جوهري في صحة أولادهم النفسية أكثر من زمان. بقوا عاملين زي ال immunity system اللي بيحصنهم من الانهيار و الامراض اللي ممكن تحصلهم بسبب الضغط اللي بيتعرضوله يومياً من صعوبات الحياة .. فلو ماعندناش المناعة دي هانضيع كلنا.
و الواضح دلوقتي ان النسب العالمية للأطفال اللي بيعانوا من أمراض نفسية بقت مرعبة و وصلت ل 20% من المراهقين في بلادنا العربية! 15% منهم فكروا فعلاً في الانتحار!! وطبعاً حوالي 90% من أسباب الامراض دي هي الأسرة.
دورك بقى انك تتعاملي على أن السلام النفسي و الصحة النفسية دي مش حاجات مولودين بيها او موجودة by default، و حتى لو موجودة فهي بتتبهدل مع بهدلتنا في الحياة واللي بنشوفه، فعشان كدة لازم كل فترة تقفي و تعملي تقييم لنفسك ..
انتي ماشية صح ولا غلط،
قلبك عامل ازاي من جواه،
مناعتك النفسية ضد الصدمات و أحداث الحياة أخبارها ايه،
طباعك زي ما هي ولا بقى فيها قسوة او عدوان من الضغوطات و الخذلان والاحباطات ..
ولو لقيتي انك محتاجة مساعدة ماتتردديش انك تروحي لمتخصص و بعد كدة ياريت بقى كمان لو تاخدي كورسات عن الصحة النفسية وازاي تبقي زوجة و أم ، عشان لازم قبل ما تاخدي خطوة الجواز او الخلفة تكوني فاهمة نفسك و عارفة انتي داخلة على ايه و مطلوب منك ايه وتكوني تخلصتي من كل العك اللي جواكي او على الاقل فهمتيه و بدأتي تحجميه!
و طبعاً ماتنسيش تحسني اختيار شريك حياتك اللي هيبقى ابو ولادك و تبعدي عن اللي انتي فاكرة ان you can fix him عشان ماتطلوطيش حد تاني معاكوا !
Comments
0 comments